العلمانية الغربية
العلمانية هي مفهوم معقد له أبعاد فلسفية، اجتماعية، وسياسية. وهي ترتبط بشكل رئيسي بفصل الدين عن الدولة وضمان الحياد الديني للمؤسسات الحكومية. هنا سأقدم لك موضوعًا شاملاً حول العلمانية الغربية مع التركيز على تطورها وأبعادها المختلفة.
تعريف العلمانية :
العلمانية (Secularism) هي مبدأ سياسي وفلسفي يقوم على فصل الدين عن الدولة، بمعنى أن الحكومة لا تتبنى دينًا رسميًا ولا تتدخل في الشؤون الدينية للمواطنين. وفي السياق الغربي، تطورت العلمانية كنتيجة للتغيرات الاجتماعية والسياسية الكبرى، مثل عصر التنوير والثورات السياسية في أوروبا.
أصول العلمانية الغربية :
1. عصر التنوير:- خلال القرن الثامن عشر، تطور الفكر العلماني بشكل كبير نتيجة للتأثيرات الفلسفية لعصر التنوير. المفكرون مثل جون لوك وفولتير وروسو أكدوا على أهمية العقل وحرية الفرد، مما ساهم في تشكيل الأسس الفكرية للعلمانية.
- الثورة الفرنسية (1789) تعتبر من أهم الأحداث التي عززت العلمانية في الغرب. حيث أدت إلى إلغاء النظام الملكي، الذي كان مرتبطًا بشكل وثيق بالكنيسة الكاثوليكية، وإعلان الدولة الفرنسية دولة علمانية.
- في بريطانيا، أدت الثورة المجيدة (1688) إلى ترسيخ بعض المبادئ العلمانية، مثل حرية العقيدة. وفي الولايات المتحدة، كان الدستور الأمريكي لعام 1787 حجر الزاوية في فصل الدين عن الدولة، حيث نص على عدم إنشاء دين رسمي للدولة.
تعود جذور العلمانية الغربية إلى أوروبا في القرون الوسطى، حيث بدأ الفكر الديني والفلسفي يتعرض للنقد. ومع بداية عصر التنوير في القرن السابع عشر، ظهرت أفكار جديدة تدعو إلى استخدام العقل والتجربة العلمية كوسائل لفهم العالم، بعيدًا عن التفسيرات الدينية.
تختلف العلمانية في أوروبا بين الدول، حيث تتمتع فرنسا بنموذج صارم من العلمانية المعروف باسم "اللائكية"، والذي يتطلب الفصل التام بين الدين والدولة. في المقابل، هناك دول مثل بريطانيا حيث الملكية لا تزال مرتبطة بالكنيسة الأنغليكانية، ولكنها مع ذلك تتبنى سياسات علمانية في الغالب.
العلمانية غالبًا ما ترتبط بالديمقراطية لأنها تضمن حياد الدولة تجاه جميع الأديان، مما يتيح للمواطنين حرية ممارسة دينهم أو عدم اعتناق أي دين. وهذا يعزز من المساواة بين المواطنين بغض النظر عن معتقداتهم الدينية.
رغم أن العلمانية تحظى بتأييد واسع في العديد من الدول، إلا أنها تتعرض أيضًا للنقد. البعض يرى أن العلمانية قد تؤدي إلى تهميش الدين في الحياة العامة وتقليل تأثير القيم الدينية في المجتمع. كما أن هناك نقاشات حول كيفية تطبيق العلمانية في المجتمعات المتعددة ثقافيًا ودينيًا.
العلمانية في الغرب تطورت نتيجة لتحولات اجتماعية وفكرية كبيرة، وأصبحت جزءًا أساسيًا من النظام السياسي في العديد من الدول. وهي تضمن الحرية الدينية وحياد الدولة، مما يعزز من التعايش السلمي بين مختلف الأديان والمعتقدات.
من المختلف عليه وضع تعريف واضح للدولة العلمانية؛ وفي الواقع فهو تعريف يشمل ثلاث جوانب أساسية، ويتداخل مع مفهوم دين الدولة أو الدين ذو الامتياز الخاص في دولة معينة. هناك بعض الدول تنصّ دساتيرها صراحة على هويتها العلمانية مثل الولايات المتحدة وفرنسا وكوريا الجنوبية والهند وكندا. بعض الدول الأخرى، لم تذكر العلمانية في دساتيرها ولكنها لم تحدد دينًا للدولة، وتنصّ قوانينها على المساواة بين جميع المواطنين وعدم تفضيل أحد الأديان والسماح بحرية ممارسة المعتقد والشرائع الدينية، وإجراء تغيير في الدين بما فيه الالحاد أو استحداث أديان جديدة بما يشكل صونًا لحقوق الإنسان وحقوق الأقليات الدينية، وهي بالتالي تعتبر دولاً علمانية. هناك الشريحة الثالثة من الدول وتنصّ دساتيرها على دين الدولة معيّن كمصر ومالطا وموناكو واليونان غير أن دساتيرها تحوي المبادئ العلمانية العامة، كالمساواة بين جميع مواطنيها وكفالة الحريات العامة، مع تقييد لهذه الحريات، يختلف حسب الدول ذاتها. في مالطا وهي دولة
تتخذ المسيحية الكاثوليكية دينًا لها يعتبر الإجهاض محرمًا بقوة القانون، وذلك مراعاة للعقائد الكاثوليكية، ومع ذلك فإن نسب تقييد الحريات العامة في مالطا هو أقل بكثير مما هو عليه في دول أخرى كمصر حيث تعتبر مبادئ الشريعة الاسلامية المصدر الرئيسي للتشريع ما أدى إلى قيود حول تغيير الدين أو بناء دور عبادة غير اسلامية إلى جانب تشريع تعدد الزوجات وغيرها من القضايا المرتبطة بقانون الأحوال الشخصية، المثل المصري ينطبق على عدد من الدول الأخرى، ما دفع بعض الباحثين لاجراء تعديلات اصطلاحية فأحلت «الدولة المدنية» بدلاً من «الدولة العلمانية» واقترح البعض «دولة مدنية بمرجعية دينية»، غير أن ذلك حسب رأي بعض الباحثين يفرغ مبادئ المساواة والحريات العامة من مضمونها ويحصرها في قالب معيّن ما يعني دولة دينية وإن بإطار مدني. أما الدول الأقرب لنموذج مالطا فمن المتفق عليه وصفها دولاً علمانية، إلى جانب بعض التحفظات كعبارة «حياد الدولة تجاه الدين» بدلاً من «فصل الدولة عن الدين»
هذه المصادر تعتبر من بين الأهم لفهم التطور التاريخي والفلسفي للعلمانية في الغرب.
العلمانية في أوروبا الحديثة
العلمانية والديمقراطية
نقد العلمانية
الخلاصة
مصادر موثوقة
- فولتير، رسائل الفيلسوف، 1734.
- جون لوك، رسالة في التسامح، 1689.
- Charles Taylor, A Secular Age, Harvard University Press, 2007.
- José Casanova, Public Religions in the Modern World, University of Chicago Press, 1994.
- Michael Walzer, The Paradox of Liberation: Secular Revolutions and Religious Counterrevolutions, Yale University Press, 2015.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
أكتب تعليقك إن كان عندك رأي في الموضوع.